الخميس، 14 نوفمبر 2013

وقفة مع آيات و أحاديث عظيمة تعطينا منهجاً في التربية



هناك صنف من الناس دائم الشكوى والتبرم والتظلم ، ويتساءل دائماً في حيرة وقلق:
لماذا أصاب بالأمراض والضعف في بدني ؟ لماذا تتكدر معيشتي ؟ لماذا لا أشعر بالسعادة ؟ لماذا لدي الهموم و الغموم والأحزان وضيق الصدر؟ أنا غير محظوظ. ولو تأمل هذا المشتكي في ذلك ، لعلم أن الآفة فيه والبلية منه ، فسبب تلك الشرور والمصائب التي تحيط بالإنسان هي نفسه التي بين جنبيه !
قال الله تعالى: ( أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ  (( ال عمران 165)
قال الله تعالى: ( مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ  ( ( النساء 79)
قال الله تعالى: ( وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَن كَثِيرٍ  ( ( الشورى 30)
فالجزاء من جنس العمل ، والحصاد من جنس البذرة ، واعمل ما شئت فكما تدين تدان !!


.............................................................................................
قال الله تعالى: (وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُۥ مَخْرَجًۭا ﴿2﴾ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ( ( الطلاق 2-3)
أي ومن يتق الله فيما أمره به وترك ما نهاه عنه يجعل له من أمره مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب أى من جهة لا تخطر بباله
عن أبي ذر قال: جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلو عليّ هذه الآية "ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب" حتى فرغ من الآية ثم قال "يا أبا ذر لو أن الناس كلهم أخذوا بها كفتهم“
.............................................................................................
قال الله تعالى: (ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ماقدمت لغدٍ واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون( ( الحشر  18)
هذه وصية الله لنا معاشر المؤمنين : ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله أي خافوا الله واحذروا عقابه ، بامتثال أوامره واجتناب نواهيه .
ولتنظر نفس ما قدمت لغدٍ أي ليوم القيامة، قال بن كثير: انظروا ماذا ادخرتم لأنفسكم من الأعمال الصالحة وسمي يوم القيامة غداً لقرب مجيئه
واتقوا الله  كررها للتأكيد ولبيان منزلة التقوى التي هي وصية الله تعالى للأولين والآخرين إن الله خبير بما تعملون
كم خصصنا من أوقاتنا من أجل تأمين حياة الآخرة التي هي أطول وأبقى ؟ وهي الحياة الحقيقية ؟ أما تستحق منا أن نخطط لها وأن نبدأ في التحضير لها من الآن ؟ أما تستحق أن نبذل من أجلها الوقت والجهد والمال ؟ فواعجباً لإبن آدم يخطط للمستقبل الذي قد لايأتي وينسى مستقبله الآتي لامحالة
فاليقظة اليقظة يا عبدالله !! لا يأتيك الموت وأنت غافل ساهٍ تركض في حياتك الدنيا غافلٌ عن الآخرة و الآعمال الصالحة .. حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب إرجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت ، كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون.
.............................................................................................
قال الله تعالى: (وسار عوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموت والارض أعدت للمتقين , الذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَرَاءِ وَ الضَرَاءِ وَ الكَظِمِينَ الغَيظَ وَ العَافِينَ عَنِ النَاسِ وَاللهُ يُحِبُ المُحسِنِينَ ( ( ال عمران 133-134)
أمرهم تعالى بالمسارعة إلى مغفرته, وإدراك جنته, التي عرضها السماوات والأرض, فكيف بطولها التي أعدها الله للمتقين, فهم أهلها وأعمال التقوى هي الموصلة إليها.ثم وصف المتقين وأعمالهم فقال: " الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ " أي: في عسرهم ويسرهم.إن أيسروا , أكثروا من النفقة.
وإن أعسروا لم يحتقروا من المعروف شيئا, ولو قل .
" وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ " أي: إذا حصل لهم من غيرهم أذية توجب غيظهم , يكظمون ما في القلوب من الغيظ , ويصبرون عن مقابلة المسيء إليهم




" وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ " العفو عن كل من أساء إليك بقول , أو فعل . والعفو أبلغ من الكظم , لأن العفو ترك المؤاخذة , مع السماحة عن المسيء . وهذا إنما يكون ممن تحلى بالأخلاق الجميلة وتخلى عن الأخلاق الرذيلة وممن تاجر مع الله, وعفا عن عباد الله , رحمة بهم , وإحسانا إليهم وليعفو الله عنه , ويكون أجره على ربه الكريم , لا على العبد الفقير , كما قال تعالى " فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ " .
ثم ذكر حالة أعم من غيرها, وأحسن, وأعلى, وأجل, وهي الإحسان. فقال تعالى: " وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ”
 والإحسان نوعان.
الإحسان في عبادة الخالق, والإحسان إلى المخلوق.
وأما الإحسان إلى المخلوق, فهو إيصال النفع الديني والدنيوي إليهم, ودفع الشر الديني والدنيوي عنهم.
فمن قام بهذه الأمور, فقد قام بحق الله وحق عبيده.
يحكى أن هارون الرشيد كان لديه خادم فأتى إليه بوعاءٍ به حساءٌ ساخن فسُكِبَ الحساء على ابنته بدون قصدٍ منه فغضب هارون الرشيد فعندما أحس الخادم بغضبه الشديد
قال له) وَ الكَظِمِينَ الغَيظَ(  قال كظمت غيظي
فقال الخادم) وَ العَافِينَ عَنِ النَاسِ(  قال عفوت عنك
فختمها الخادم بقوله)وَاللهُ يُحِبُ المُحسِنِينَ(  فقال له هارون الرشيد فأنت حر
.............................................................................................
قال الله تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ(النحل: 97
هذا وعد من الله تعالى لمن عمل صالحاً وهو العمل المتابع لكتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم من ذكر أو أنثى , وقلبه مؤمن بالله ورسوله , وأن هذا العمل المأمور به . بأن يحييه الله حياة طيبة في الدنيا, وأن يجزيه بأحسن ما عمله في الدار الاَخرة, والحياة الطيبة تشمل وجوه الراحة من أي جهة كانت وقد فسروها بالرزق الحلال الطيب. ومنهم من فسرها بالقناعة, وكذا قيل أنها هي السعادة. وقيل إنها الجنة. وقيل هي الرزق الحلال والعبادة في الدنيا, أو العمل بالطاعة والانشراح بها, والصحيح أن الحياة الطيبة تشمل هذا كله.تفسير ابن كثير
.............................................................................................
قال الله تعالى: (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ولا يرهق وجوههم قتر ولاذلة أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون( يونس: 26
(للذين أحسنوا الحسنى( أي الذين أحسنوا في عبادة الله ، وقاموا بما قدروا عليه منها . وأحسنوا إلى عباد الله ، بما يقدرون عليه من الإحسان القولي والفعلي والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،وتعليم الجاهلين ،وغير ذالك من وجوه البر والإحسان فهؤلاء الذين أحسنوا لهم (الحسنى)وهي:الجنة الكاملة من حسنها و(زيادة) وهي:النظر إلى وجه الله الكريم وسماع كلامه
(ولا يرهق وجوههم قتر ولاذلة ( اي لا ينالهم مكروه بوجه من الوجوه لأن المكروه إذا وقع بالإنسان تبين ذالك في وجهه وتغير وتكدر وأما الذين أحسنو ا أعمالهم بامتثال الطاعات وأداء العبادات على وجهها الأكمل خالية من الرياء فهؤلاء كماقال لله عنهم ( أولئك تعرف في ووجههم نضرة النعيم )
( أولئك أصحاب الجنة  ( الملازمون لها                 (هم فيها خالدون  (لا يحولون ولا يزولون ولا يتغيرون
.............................................................................................
قال الله تعالى: قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ” الأنعام : 162
يطلب الله من نبيه أن تكون صلاته ونسكه له سبحانه وتعالى, وفيها زيادة التأكيد على أن يحول الإنسان صلاته لله حيث يصبح كل جزء منه وفيه أثناء الصلاة لله سبحانه وتعالى .
ثم ننتقل إلى الجزء الآخر من الآية والتي أراها منهج حياتي لو اتبعناه لاسترحنا إلا وهو "ومحياي ومماتي لله رب العالمين
كيف يحي الإنسان لله كيف يصير كل نفس في حياته لله ؟



فينام لله ويستيقظ لله ويأكل لله ويتعلم لله ويعمل لله ويتزوج لله ويطلب الذرية لله ويعمر الأرض لله فتكون كل خطوة في حياته لله
نعم هذه هي الحياة التي طالما غفلنا عنها أما كون الممات لله فهنا موطن عظيم من مواطن البلاغة كون الموت لله فهو أن يحي الإنسان لله حتى تكون آخر لحظاته لله فمن عاش على شيء مات عليه ومن مات على شيء بعث عليه .
.............................................................................................
قال تعالى ( خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) الأعراف 199-200
قال جعفر الصادق : أمر الله نبيه بمكارم الأخلاق في هذه الآية، وليس في القرآن آية أجمع لمكارم الأخلاق من هذه الآية
قال الإمام ابن القيم : وقد جمع الله له مكارم الأخلاق في قوله تعالى : خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله -: هذه الآية جامعة لحسن الخلق مع الناس، وما ينبغي في معاملتهم
.............................................................................................
وقال تعالى : ( ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه وليّ حميم . وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم ) سورة فصلت 34
إن من أعظم ثمرات الدفع بالتي هي أحسن أن يتحول العدو الذي يجابهك بما يسوؤك ويؤذيك إلى نصير مدافع وصديق حميم. فإن سحر الخلق الفاضل ليفوق في كثير من الأحيان قوة العضلات وسطوة الانتقام فإذا بالخصم ينقلب خلقا آخر.
.............................................................................................
قال تعالى ( إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ) الرعد / 11

قال تعالى في قصة شعيب ( وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ) سورة هود أية 88

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق